الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق **
(القول التاسع) في الصفحة 121: "كتب الإنجيل بالإلهام بواسطة الحواريين كما يظهر ويثبت هذا الأمر من الإنجيل نفسه والكتب القديمة المسيحية" ثم قال: "كتب الحواريون بالإلهام قول المسيح وتعليماته وحالاته" وهذا مردود بالوجوه التي ذكرتها في بيان القول الرابع والخامس من حل الإشكال، وبأن من قرأ الأناجيل يحصل له اليقين أن قول القسيس النبيل غير صحيح، ولا يظهر منها أصلًا أن الإنجيل الفلاني كتبه فلان الحواري بالإلهام باللسان اليوناني. نعم إنه يكون اسم الإنجيل مكتوبًا على ناصية كل صفحة من هذه الأناجيل من طرف الطابعين والكاتبين، وهذا ليس بحجة ولا دليل لأنهم كما يكتبون اسم الإنجيل، فكذلك يكتبون لفظ القضاة وراعوث واستير وأيوب على ناصية كل صفحة من كتاب القضاة، وكتاب راعوث وكتاب استير وكتاب أيوب، فكما أن الثاني لا يدل على أن هذه الكتب من تصنيف هؤلاء المنسوب إليهم فكذلك لا يدل الأول، فصدور أمثال هذه الإفادات عنه سبب التعجب لعلماء الإسلام. ويصدر في بعض الأحيان بسبب ضيق الصدر عن قلم البعض لفظ لا يناسب شأنه، كما قال صاحب الاستبشار في هذا الموضع بعد ما رد قوله: "ما رأينا قسيسًا من القسيسين كاذبًا غير مبال بالقول الكذب مثل القسيس فندر"، ولما كان نقل أقواله مفضيًا إلى التطويل الممل فالأولى أن أتركه وأكتفي على هذا القدر، وإذا نبهت على هذه العادة فأستحسن أن أنبه أيضًا على العادتين الأخريين لتحصل للناظر بصيرة (العادة الثانية) من عاداته أنه يأخذ الكلمات التي تصدر عن قلم المخالف بمقتضى البشرية في حقه أو في حق أهل مذهبه ولا تكون مناسبة لمنصبه أو لمنصب أهل ملته في زعمه فيشكر عليها ويجعل الخردلة حبلًا ولا يلتفت إلى ما يصدر عن قلمه في حق المخالف. وإني متحير لا أعلم أن سببه ماذا؟ أيفهم أن أية كلمة قبيحة كانت أو حسنة إذا صدرت عن لسانه أو قلمه تكون حسنة وفي محلها، وإذا صدر مثلها عن المخالف يكون قبيحًا وفي غير محله؟؟، وأنقل بعض أقواله. قال القسيس النبيل في حق الفاضل (هادي علي) مصنف كشف الأستار الذي هو رد مفتاح الأسرار في الصفحة الأولى من حل الإشكال: إنه يصدق في حق هذا المصنف قول (بولس) ثم نقل قوله، وفي هذا القول وقعت هذه الجملة أيضًا (إله هذا الدهر قد أعمى أذهان الكافرين) فأطلق عليه لفظ الكافر وفي الصفحة 2: (غمض المصنف لأجل التعصب قصدًا عين الإنصاف) وفي الصفحة الثالثة: (كان مقصوده ومطلبه النزاع البحت والتعصب الصرف) وفي الصفحة الرابعة: (الكتاب كله مملوء من الاعتراضات الباطلة والدعاوى المهملة والمطاعن غير المناسبة) ثم قال في الصفحة المذكورة: (الكتاب المذكور مملوء من الخلاف والباطل) وفي الصفحة 19: (ظن المصنف لأجل التكبر) وفي الصفحة 24: (هذا تكبر محض وكفر رحمه اللّه الرحمن الرحيم وأخرجه عن شبكة غواية الفهم) وفي الصفحة 25: (هذا ليس دليل قلة علمه وجهله فقط بل هو دليل سوء فهمه وتعصبه أيضًا) ثم قال في تلك الصفحة: (الظاهر أن التكبر والتعصب جعلا المصنف مسلوب الفهم وغمضا عين عقله وعدله) وفي الصفحة 38: (ومع قطع النظر عن المقالات الباطلة الأخرى قال هذا) أيضًا وفي الصفحة 43: (ينزل منظرته الحمراء) ثم قال في تلك الصفحة: (وهذا القول كله باطل وعاطل) وفي الصفحة 50: (هذا عين التكبر والكفر) ثم قال في تلك الصفحة: (امتلاء قلب المصنف من التكبر والعجب هكذا) ثم قال في تلك الصفحة: (هذا عين الجهل وانتهاء التكبر) وفي الصفحة 55: (هذا يدل على عدم اطلاعه رأسًا وتعصبه) وفي الصفحة 56: (بيانه ساقط عن الاعتبار وباطل محض وعاطل) ثم قال في تلك الصفحة: (هذا انتهاء التعصب والكفر) وفي الصفحة 87: (الأمر الذي جعل العقل حاكما غير معقول محض وحيلة وحوالة) هذه الألفاظ كلها في حق الفاضل السيد (هادي علي) الذي كان سلطان لكهنو يعظمه أيضًا.
وأما الألفاظ التي كتب في حق الفاضل الذكي آل حسن صاحب الاستفسار، فمنها في الصفحة 117 من حل الإشكال: (هو يكون في الفهم أنقص من الوثني قائد الملة وفي الكفر أزيد من هؤلاء اليهود) وفي الصفحة 118: (فالآن جناب الفاضل يكتب في الصفحة 592 من غاية الكفر وعدم المبالاة) وفي الصفحة 120: (الإنصاف والإيمان كلاهما غائبان عن قلب جناب الفاضل) وكتب في آخر مكاتيبه في حق الفاضل الممدوح لفظ الفرار، وهذا اللفظ أيضًا قبيح عنده، يشكو منه لو صدر عن غيره في حقه وإن قال هذا القسيس: إني قلت هذه الألفاظ في حق الفاضل الممدوح؛ لأنه صدر عن قلمه ألفاظ غير ملائمة في حق الأنبياء الإسرائيلية عليهم السلام، قلت: هذا تغليظ محض؛ لأن الفاضل الممدوح قد صرح في مواضع كثيرة من كتابه أنه أورد هذه الألفاظ في الدلائل الإلزامية في مقابلة تقريرات القسيسين وإيراداتهم إلزامًا أنه يلزم عليكم هكذا أيضًا، وهو يرى من سوء الاعتقاد بالنسبة إلى الأنبياء عليهم السلام ومن شاء فليرجع إلى كتابه فيجد ما قلت له في الصفحة 9 و 177 و 558 و 594 و 604 وغيرها من النسخة المطبوعة سنة 1861 من الميلاد، وفي الصفحة 89 من حل الإشكال في حق جميع أهل السلام (المحمديون معتقدون بالوسوسة العظيمة والأقوال الباطلة الكثيرة).
ووقعت بين هذا القسيس النبيل وبين الحكيم الفطين المكرم (محمد وزير خان) بعد رجوعي إلى دهلي مناظرة تحريرية وطبعت هذه المناظرة سنة 1854 من الميلاد في أكبر أباد، فكتب القسيس النبيل إليه في المكتوب الثاني الذي كتبه 29 مارس سنة 1854 هكذا: (لعل جنابكم أيضًا داخلون في زمرتهم) أي زمرة الدهريين (كما يوجد في الملة الإسلامية أناس هم محمديون في الظاهر ودهريون في الباطن) فكتب الحكيم الممدوح في جوابه أمورًا منها هذان الأمران أيضًا (قد اعترفتم في المجمع العام أن أحكام التوراة منسوخة، وسلمتم في المجمع المذكور التحريف في سبعة أو ثمانية مواضع، واعترفتم في ثلاثين أو أربعين ألف موضع في النسخ المتعددة بسهو الكاتب الذي دخلت بسببه الفقرات من الحاشية في المتن، وخرجت الفقرات الكثيرة منه، وبدلت الفقرات، فأي مانع أن يقال لأجل ذلك لكم: "إنكم تعتقدون قلبًا أن الدين العيسوي باطل، وتعلمون أيضًا أن كتبكم المقدسة منسوخة ومحرفة ولا اعتبار لها عندكم أصلًا؟، لكنكم لأجل الطمع الدنيوي فقط متمذهبون بهذا المذهب في الظاهر وحامون لهذه الكتب المحرفة، أو يظن لأجل أنكم كنتم من مريدي كنيسة (لوتيرين) مدة حياتكم، وصرتم من عدة شهور إلى كنيسة إنكلتره أن سببه أيضًا هو الطمع الدنيوي لأن عزمكم أن تستوطنوا إنكلتره كما سمعت من رفيقكم القلبي أيضًا) أي القسيس فرنج (أو أن سببه أمر منزلي) يعني أن زوجة القسيس النبيل كانت من كنيسة إنكلتره فبدل القسيس النبيل مذهبه لأجل استرضاء خاطرها، كما ظهر لي من بيان الحكيم الممدوح أن مرادي بالأمر المنزلي هذا"
فانظر إلى حركته قال أمرًا وسمع أمورًا، والوجهان اللذان كتبهما الحكيم الممدوح في تبديل المذهب ما أنكر عليهما في الجواب. ولو كان تبديل المذهب لأحد هذين الأمرين فلا شك أنه قبيح جدًا، والأمر الآخر غيرهما لم يسمع لكن هذا الأمر خارج عن البحث الذي أنا فيه فأترك وأرجع إلى ما كنت في نقل عاداته فأقول: هذا ما كتب القسيس في حق معاصريه من علماء الهند، وأما ما كتب في الصفحة 139 من حل الإشكال وآخر مكاتيبه، وفي ميزان الحق وفي طريق الحياة في حق النبي صلى اللّه عليه وسلم، وفي حق القرآن والحديث، لا يرضى قلمي وقلبي بإظهارها، وإن لم يكن نقل الكفر كفرًا، ولما وقعت المناظرة التحريرية بينه وبين صاحب الاستفسار سنة 1844، فكتب صاحب الاستفسار إليه في مكتوبه الثاني لقبول أربعة شروط في المناظرة، وكان الشرط الأول منهما هذا: (يذكر اسم نبينا صلى اللّه عليه وسلم أو لقبه بلفظ التعظيم، وإن لم يكن هذا الأمر منظورًا لكم فاكتبوا هكذا نبيكم أو نبي المسلمين، وصيغ الأفعال أو الضمائر التي ترجع إلى جنابه الشريف تكون على صيغ الجمع كما هو عادة أهل لسان الأردو، وإلا لا نقدر على التكلم ويحصل لنا الملال في الغاية) فكتب هذا القسيس في جوابه في مكتوبه الذي كتبه في 19 تموز سنة 1844 هكذا: "فاعلموا أننا معذورون في ذكر نبيكم بالتعظيم أو بإيراد الأفعال والضمائر في صورة الجمع، هذا الأمر غير ممكن منا، لكنا لا نكتب باللقب السوء أيضًا بل أكتب نبيكم أو نبي المسلمين، أو محمد صلى اللّه عليه وسلم فقط مثل أن أقول قال محمد صلى اللّه عليه وسلم وأقول في موضع يكون مقتضى الكلام محمد ليس برسول أو كاذب، لكنكم لا تظنون من هذه الألفاظ أن مقصودنا منها إيذاؤكم، بل الأمر هذا أن محمدًا لما لم يكن نبيًا حقًا عندنا فإظهار هذا الأمر واجب علينا".
ثم كتب في مكتوبه الذي كتبه في 21 تموز سنة 1844: "من المحال أن يذكر اسم محمد بإيراد الأفعال أو الضمائر على صيغ الجمع" وطلبت منه أيضًا في مكتوبي الذي كتبت إليه في 16 نيسان سنة 1854 في هذا الباب، فكتب في جوابه في 18 نيسان سنة 1854، كما كتب إلى صاحب الاستفسار، "وإذا عرفت هذا فأقول إن علماء الإسلام يعتقدون في حقه وحق علماء ملته أزيد مما يعتقده في حق نبينا صلى اللّه عليه وسلم، فلو صدر عن عالم من علماء الإسلام على وفق أقواله بلا زيادة ونقصان في حقه هكذا، إنه يصدق في حقه قول بولس: "إن إله الدهر قد أعمى قلوب الكافرين"، وهو غمض عين الإنصاف قصدًا لأجل التعصب، وكان مقصوده ومطلبه النزاع البحت، والتعصب، وظن لأجل التكبر، والظاهر أن التكبر والتعصب جعلاه مسلوب الفهم وغمضا عين عقله وعدله، ومع قطع النظر عن المقالات الباطلة الأخرى قال هذا أيضًا: امتلأ قلبه من التكبر والتعصب هكذا، وهو في الفهم أنقص من الوثني، وفي الكفر أزيد من اليهود، ويكتب في غاية عدم المبالاة والكفر، والإنصاف والإيمان كلاهما غائبان عن قلبه، وداخل في زمرة الدهريين، وكذا لو صدر في حق كتابه ميزان الحق لأجل اشتماله على المغالطات الصرفة والسفسطيات المحضة والدعاوى الغير الصحيحة والبراهين الضعيفة هكذا: أن كله مملوء من الاعتراضات الباطلة ومملوء من الخلاف والباطل والدعاوى المهملة والمطاعن غير المناسبة، وكذا لو صدر في حق تقريره الذي صدر عنه في حق النبي صلى اللّه عليه وسلم أو القرآن أو الحديث أن هذا تكبر محض وكفر، رحمه اللّه وأخرجه عن شبكة غواية الفهم، وهذا ليس دليل قلة علمه وجهله فقط، بل هو دليل سوء فهمه وتعصبه أيضًا، وهذا كله باطل وعاطل، وهذا عين التكبر والكفر، وهذا عين الجهل وانتهاء التكبر، وهذا يدل على عدم اطلاعه رأسًا وتعصبه، وساقط عن الاعتبار وباطل محض وعاطل، وانتهاء التعصب والكفر وغير مقبول محض، وحيلة وحوالة؛ فالتفوّه بهذه الأقوال أيجوز لهذا العالم في زعم القسيس النبيل أم لا؟؟، فإن جاز فلا بد أن لا يشكو هذا القسيس من أمثال هذه الألفاظ, وإن لم يجز فكيف يتفوه بها، والعجب كل العجب من إنصافه أن يكون هو معذورًا في تحريرها، ويكون العالم الإسلامي ملومًا غير معذور، فالمرجو منه أن يعلم أن العالم الذي يصدر عن قلمه لفظ بالنسبة إليه أو إلى علمائه في موضع يكون مقتضى الكلام ليس مقصوده إيذاءه أو إيذاء أهل ملته، بل سببه إظهار ما هو الحق عند هذا العالم أو جزاء لقوله أو لقول علمائه كما قيل: كل يحصد ما زرع ويجزى بما صنع.
(العادة الثالثة) أنه يترجم الآيات القرآنية ويفسرها تارة على رأيه ليعترض عليها في زعمه، ويدعي أن التفسير الصحيح والترجمة الصحيحة ما ترجمت به وما فسرت به، لا ما صدر عن علماء الإسلام ومفسري القرآن، وبين كماله على العوام ببعض قواعد التفسير مثلًا، بيّن في الصفحة 237 و 238 في الفصل الثالث من الباب الثالث من ميزان الحق المطبوع سنة 1849 باللسان الفارسي وفي الصفحة 51 في الباب الرابع من حل الإشكال المطبوع سنة 1847، وأنقل ههنا قاعدتين منها لتعلق الحاجة بهما وأقول، قال هذا النبيل: "لا بد للمفسر أن يفهم مطلب الكتاب كما كان في ضمير المصنف، فلا بد لمن طالع أو فسر أن يكون واقفًا على حالات أيام المصنف وعادة طائفة تربى المصنف فيها وعلى مذهبهم، وأن يكون واقفًا على صفات المصنف وأحواله أيضًا، لا أن يبادر بمجرد معرفة اللسان بترجمة الكتاب وتفسيره، وثانيًا لا بد أن يتوجه إلى تسلسل المطالب ولا يفسد علاقة الأقوال السابقة واللاحقة وإذا فسر مطلبًا، فلا بد أن يلاحظ معه كل مقام له مناسبة ومطابقة بهذا المطلب ثم يفسر".
والحال أنه لا معرفة له بلسان العرب معرفة معتدًا بها فضلًا عن الأمور الأخر، ولا يتوجه إلى تسلسل المطالب، ويفسد علاقة الأقوال السابقة واللاحقة كما سيظهر عن قريب، فمثل هذا الادعاء يحمل على أي شيء؟، فلو قلت في حقه في هذا الباب كما قال هو في حق الفاضل (هادي علي): أن التكبر والجهل جعلاه مسلوب الفهم وغمضا عين عقله وعدله، أو قلت هذا عين الجهل والتكبر، لكنت مصيبًا، ومظهرًا للحق، لكن أمثال هذه الألفاظ لما كانت غير ملائمة لا أتفوه بها في حقه أبدًا، وإن تفوه هو بها وبأمثالها في حق علماء الإسلام.
(أقول) ادعى هذا القسيس النبيل في آخر الفصل الثالث من الباب الثالث من ميزان الحق هكذا: "من تجنب عن الاعتساف وسلك مسلك الإنصاف ولاحظ معاني الآيات القرآنية علم أن معانيها على التفسير الصحيح الموافق لقانونه ما ترجمت وفسرت" وإذا عرفت ادعاءه فأذكر ثلاثة شواهد على وفق عدد التثليث يظهر منها حال صلوحه لأمثال هذه الدعوى:
(الشاهد الأول) أن القسيس قام في الجلسة الثانية من المناظرة التي وقعت بيني وبينه فأخذ ميزان الحق وشرع في قراءة بعض الآيات القرآنية التي نقلها في الفصل الأول من الباب الأول وكانت هذه الآيات مكتوبة بالخط الحسن ومعربة بالإعراب فكان يغلط في الألفاظ فضلًا عن الإعراب، ونقل هذا الأمر على المسلمين فما صبر قاضي القضاة محمد أسد اللّه فقال للقسيس النبيل: اكتفوا على الترجمة واتركوا الألفاظ لأن المعاني تتبدل بتبدل الألفاظ، فقال القسيس النبيل "سامحونا إن هذا من قصور لساننا"، هذا حاله في معرفة اللسان بحسب التقرير.
(الشاهد الثاني) كتب القسيس إظهارًا لفضله وإخبارًا عن معرفته بلسان العرب في آخر ميزان الحق الفارسي المطبوع سنة 1849، وفي آخر ميزان الحق الذي هو في لغة الأردو وطبع سنة 1850 هكذا: "تمت هذه الرسالة في سنة ثمانية ماية ثلاثون والثلاث بعد الألف مسيحي وبالمطابق مايتان وأربعين ثمانية بعد الألف هجري" وفي آخر مفتاح الأسرار الفارسي المطبوع سنة 1850 هكذا: (تمت هذه الأوراق في سنة ماية وثلاثون السابعة بعد الألف مسيحي وفي سنة مايتان اثنا وخمسين بعد الألف من هجرة المحمدية)، وفي النسخة التي هي في لسان الأردو هذه العبارة بعينها أيضًا غير أن لفظ الهجرة في النسخة الفارسية بدون الألف واللام، وفي هذه النسخة بهما، ولعل سببه أنه لما كان توجه إلى النسخة الفارسية أكثر فتصحيحه فيها أبلغ، وثبت عنده بتحقيقه الكامل الذي هو مختص به أنه لا يجوز أن يكون الموصوف والصفة كلاهما معرفين باللام فأسقط الألف واللام من الموصوف، فهذا حاله في التحرير.
(الشاهد الثالث) نقل في مفتاح الأسرار القديم المطبوع سنة 1843 في الصفحة الرابعة أولًا هذه الآية من سورة التحريم
(الحكاية الأولى) ما نقله الطيبي في شرح المِشكاة أن مسلمًا كان يتلو القرآن فسمع منه بعض القسيسين هذا القول
(الحكاية الثانية) استدل البعض من الفرقة المسيحية في البلد (دهلي) في إثبات التثليث، بقوله تعالى بسم اللّه الرحمن الرحيم بأنه أخذ فيه ثلاثة أسماء فيدل على التثليث، فأجاب بعض الظرفاء: إنك قصرت. عليك أن تستدل بالقرآن على التسبيع ووجود سبعة آلهة بمبدأ سورة المؤمن وهو هكذا:
وأنقل في أكثر المواضع من كتابي هذا من أقواله الأخر أيضًا وأرد عليها وأسأل الآن من القسيس النبيل أن يُجَوِّز لي، نظرًا إلى الأقوال التي نقلتها، أن أقول في حقه اقتداء بعادته قولًا مطابقًا لقوله: "إن هذه المواد التي لا أساس لها، والمواد التي مثلها تدل دلالة واضحة على قلة علمه، وعدم دقة نظره؛ لأنه لو كان له دقة جزئية وأدنى معرفة في العلم لما قال ذلك. أم لا يجوز؟ ففي الصورة الثانية لا بد من بيان الفرق بأنه يجوز له أن يقول لو وجد في كلام المخالف خمسة أقوال أو ستة أقوال مجروحة في زعمه، ولا يجوز للمخالف، ولو وجد المخالف في كلامه أقوالًا باطلة قطعًا أزيد مما وجده بقدر ستة أمثال، وفي الصورة الأولى لا بد أن ينظر إلى حاله، ويعترف بأن هذا القدر جواب شاف وكاف في جواب ميزان الحق، ومفتاح الأسرار وحل الإشكال وغيرها؛ لأن الكلام الباقي حاله في الصورة المذكورة يكون كحال الكلام المذكور، ولنعم ما قيل لا تفتح بابًا يُعْييك سَدُّهُ ولا ترم سهمًا يُعجزك رَدُّه. والمقصود الأصلي مما ذكرت في هذا الأمر السابع أن الذي يكتب جواب كتابي هذا فالمرجو منه أن ينقل أولًا عبارتي، ثم يجيب ليحيط الناظر على كلامي وكلام المجيب، وإن خاف التطويل فلا بد أن يقتصر على جواب باب من الأبواب الستة، ويراعي أيضًا في تحرير الجواب الأمور الباقية التي ذكرتها في هذه المقدمة ولا يسلك مسلك المموهين من علماء البروتستنت؛ لأن هذا المسلك بعيد من الإنصاف مائل عن الحق ومفض إلى الاعتساف، وإن تَصدّى القسيس النبيل (فندر) لتحرير جواب كتابي هذا فالمرجو منه ما هو المرجو من غيره من مراعاة الأمور المذكورة في هذه المقدمة وشيء زائد أيضًا وهو أن يوجه أولًا هذه الأقوال الستة والثلاثين كلها من كلامه؛ لتكون توجيهاته معيارًا لتوجيه أقوالي في جواب الجواب، وظني أنهم لا يكتبون الجواب إن شاء اللّه، وإن كتبوا لا يراعون الأمور المذكورة ألبتة، ويعتذرون باعتذارات باردة، ويكون جوابهم هكذا يأخذون من أقوالي بعض الأقوال التي يكون لهم المجال للكلام، ولا يشيرون إلى الأقوال القوية لا بالرد ولا بالتسليم. نعم! يدّعون لتغليط العوام ادعاءً باطلًا أن كلامه الباقي أيضًا كذلك، ولعله لا يبلغ حجم ردهم إلى حد يكون كل ورقة ورقة منه بإزاء كراس كراس من كتابي فأقول من قبل: إنهم لو فعلوا كذا يكون دليل عجزهم.
(الأمر الثامن) إني نقلت أسماء العلماء والمواضع عن الكتب التي وصلت إلي بلسان الإنكليز، أو عن تراجم فرقة البروتستنت، أو عن رسائلهم باللسان الفارسي أو العربي أو الأردو، وحال الأسماء أشد فسادًا من الحالات الأخر أيضًا كما لا يخفى على ناظر كتبهم فلو وجد الناظر هذه الأسماء مخالفة لما هو المشتهر في لسان آخر فلا يعيب علي في هذا الأمر، فإذا فرغت من المقدمة فها أنا أشرع في المقصود بعون اللّه الملك الودود. اللّهم أرنا الحق حقًا والباطل باطلًا.
|